لماذا لم ننسحب من الأولمبياد؟ 🏅
فشلت فرنسا، راعية الفنون، في تجسيد معنى الفن في لوحتها الأولمبية، فقدمت حفلة عشاء بلا نكهة ولا طعم ولا لون!
استمع إلى هذه المقالة صوتيًا
أولمبياد باريس / Imran Creative
لماذا لم ننسحب من الأولمبياد؟
تنوعت ردود الفعل حول حفل افتتاح أولمبياد باريس، والبعض طالب الدول إسلامية كانت أم غيرها بضرورة الانسحاب من البطولة. ففرنسا استغلت الحفل لا لتنشر قيمها العلمانية فحسب، بل لتقدح في العديد من القيم الإنسانية، فعابت دين شعبها ومسلماته، وأخرجت أسوأ ما فيها من ابتذال لتربطه بذاكرة كل من يتابع هذا الحدث العالمي، ولتخلِّد تاريخًا سوف تحاول تنميطه على مدار السنوات القادمة.
يقول مراسل قناة الإخبارية السعودية أحمد القرني واصفًا حفل افتتاح الأولمبياد: «صلَّت فرنسا بغير طهارة في حفلها الأخير بالعالم صلاة جامعة بغير جماعة، وبمقصد بلا قبلة، صلاة ثقافية لا دينية».
لطالما ارتبط الفن بالدين في التاريخ النصراني، حيث كانت الكنسية تُكلِّف الفنانين بتزيين الكنائس والأديرة بمشاهد دينية بسبب أميّة الأغلبية، وصعوبة التواصل مع الإرث القصصي الديني بالقراءة فقط. ولكن في لحظة ما أصبح الفن عدوًا للدين، ربما لأن رجال الدين أو المتدينين تركوا الفن كوسيلة تواصل، وبذلك فتحوا المجال لغيرهم للعمل بالفن، وبالتالي غابت الطريقة التي كانت توصل الدين للناس.
ولوحة «العشاء الأخير» التي سُخِر منها في حفل الأولمبياد لطالما كانت موضع نقاش، وجرى محاكاتها مرات عديدة. فهي لوحة مليئة بالرمزيات وقابلة للخضوع لأكثر من تفسير، وهذا دليل على عبقرية ليوناردو دافينشي. ولكن ما حدث في المحاكاة الأخيرة رسالة مباشرة للعالم كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعالم: «هذه هي فرنسا».
يجب أن نعي أن ما فعلته فرنسا استفز الجميع بما فيهم شعبها. إذ قالت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا إنها تستنكر الاحتفال الذي «تضمَّن مشاهد السخرية والاستهزاء بالمسيحية»، ولو أردنا أن نعرف من يقف في صف الأفكار الفرنسية، فما علينا سوى أن ننظر إلى من لم يستفزه ما حدث.
في رأيي أن الأولمبياد والبطولات الكبرى ما هي إلا أدوات فتاكة لتسويق الثقافة ونشرها. صحيح أنَّ لها فوائد سياسية واقتصادية، ولكن الثقافة عندما تنتشر تضع الدولة المصدِّرة لها في مركز قيادي لتغيير القناعات، تدفع من خلاله الشعوب لتغير توجهاتها وأفكارها. وهكذا تبدأ عملية الإعجاب والانبهار ومن ثم استيراد كل ممكنات الثقافة وإن كانت مخالفة للمسلمات؛ لأن الفكرة زُرعت، وصاحب الفكرة الأنجح تسويقيًا سوف يقود العالم.
فشلت فرنسا، راعية الفنون، في تجسيد معنى الفن في لوحتها الأولمبية، فقدمت حفلة عشاء بلا نكهة ولا طعم ولا لون! وهنا يعود السؤال: لماذا لم ننسحب من الأولمبياد؟ ولماذا لم تفعل أي دولة ذلك؟
صحيح أن الانسحاب من أي بطولة قد يوقع الدول في سلسلة من العقوبات من المنظمات الرياضية، لكن ذلك أقل الضرر والدول تعلم ذلك. فالدول تعلم يقينًا أنها لو تركت الساحة خالية لفرنسا ولأفكارها فسوف تعطيها مرادها، وتمنحها الفرصة لتصبح أفكارها هي الرابحة في السباق الثقافي بلا منافس!